مراجعة وتقييم The Last of Us 2 – المنتج الترفيهي الاكثر جرأة..

منذ اطلاق The Last of Us 2 قبل اسبوع بدأت اللعبة تتلقى الكثير من الانتقادات حتى ان معجبي اللعبة او مهما كانوا بدئوا باعطائها تقيمات متدنية عبر مواقع التقييم العالمية مثل ميتاكريتكس الامر الذي زرع الاحباط في قلوب الكثير من الذين كانوا ينون تجربتها ولكنني عزمت على تجربة اللعبة وعدم الانخراط في هذه الانتقادات حتى اكمل التجربة واضع رأي النهائي فيها واليوم جائت اللحظة التي سأشارككم فيها مراجعتي الكاملة للعبة بعد قضاء اكثر من 25 ساعة معها.

قبل ان ابدأ اريد ان اذكر ان لعبة The Last of Us 2 هي تكملة لمغامرة جويل وايلي التي بدأت بالجزء الاول وتمكنت من جعلنا نتعلق بشخصياتها من اللحظة الاولى وحتى النهاية حيث ستكون البداية لمغامرة اخرى ولكن بشكل مختلف تكشف لنا كيف يمكن للظروف والاحداث ان تتلاعب بنا وتلقي بنا الى مواقف قد يكون اتخاذ القرار فيها صعب للغاية ولكن لا مفر من ذلك.

قصة اللعبة قد يكون العنصر الاكثر جدل فيها وهذا ما كنت انا قلق منه عندما بدات اللعبة لكن ثقتي في استيديو نوتي دوغ كانت ايضا عالية واعرف ان هذا الفريق الطموح يمتلك الكثير من الافكار التي ستنقل القصة الى مستوى اخر وربما هذا ما حدث بالفعل وجعل الكثير ينتقد اللقصة ولكن قبل ان اتحدث عنها دعونا نبدأ بالتفاصيل.

نعم قصة اللعبة ستكمل مغامر جويل وايلي بعد 5 سنوات من نهاية مغامرة الجزء الاول وبعد ان انتشر الوباء واصبح العالم مهجور ولم يتبقى من البشر الكثير ما بين من لاقى حتفه ومن تحول الى تلك المخلوقات الغريبة واخرين تمكنوا من الانعزال داخل قرى صغيره لها قائدها ولها قوانينها التي يحترمها الجميع من اجل ان يحصل على حياة كريمة في هذا الزمن الصعب من بين هذه القرى كانت قرية جاكسون حيث بدات ايلي تنشيء صداقاتها وتشارك قصصها مع اصدقائها الجدد بينما ينضم جويل الى فريق الاستشارين الذين يساهموا في حماية القرية واتخاذ القرارات الحاسمة.

ولكن فجأة تنحرف البوصلة وتقع احداث تزيل كل هذا الامل والحب وتحوله الى حقد وكراهية وتشعل نار الانتقام في قلب ايلي التي لا ترى امامها سوى عدوها الذي تريد ان تصل اليه وتقضي عليه بكل وحشية ومهما كان الثمن غالي.

ايلي ستكون هي جزء من هذه المغامرة وليست كل المغامرة وما ستنقلنا اليه اللعبة في مسار القصة سيجعل الكثير يدخل في نزاع داخلي ما بين الحق والباطل, من هو الظالم ومن هو المظلوم من الذي يستحق الانتقام, كل هذه الاسئلة سيتم اثارتها في داخلك.

الاحداث والسرد القصصي في The Last of Us 2 يعد من اجراء الاعمال التي شاهدتها في اي عمل ترفيهي وعندما اكملتها وقمت بمراجعة الاحداث التي خضها من بداية اللعبة حتى نهايتها عرفت انني خضت تجربة مميزة غير اعتيادية اخرجتني من العاب البطولة المطلق التي يكون فيها البطل مظلم وينتصر في النهاية, فهنا في The Last of Us 2 ستخوض اكثر من قصة لاكثر من شخصية ستتعرف على ماضي وحاضر كل واحد منهم وفي النهاية ستلتقي كل هذه الاحداث في نقطة واحدة ستتركك متأثر وتفكر فيها بعمق ولكن في النهاية ستيقن انك خضت تجربة جديدة مختلفة لم تراها في اي لعبة فيديو من قبل.

احداث اللعبة وتفاعل الجمهور مع قصتها ذكرني بتلك الاعمال السينمائية التي ينتقدها الكثير ولكن في النهاية يتفاجئون بانها تحصد معظم جوائز الاوسكار وذلك لانها موجهة الى جمهور معين ومقدمة بطيقة مختلفة لا تناسب محبي القصص والنهايات الكلاسيكية.

انا سأتوقف عن الحديث عن القصة عند هذه النقطة حتى لا اجد نفسي مجبر على شرح احداثها و اقع في المحظور بحرق عناصرها على اللاعبين ولكن اريد ان اتطرق الى شيء اخر وهو شخصية دينا في اللعبة والتي من بداية ظهورها وحتى النهاية لم تكن ضرورية في اللعبة والواضح ان المخرج قد وضعها في اللعبة لغرض واحد فقط هو ارضاء فئة معينة من الجمهور ليس اكثر وهذا واضح ايضا من تأجيل اللعبة وجعل موعد اطلاقها متزامن مع عيد الشواذ الغربي وجعلني متيقن ان التأجيل جاء متعمد ومدروس ولكن هذا لن يكو له تأثير على احداث القصة التي تسير في اتجاه اخر مختلف وكل كا يتعلق بهذه الشخصية وامور الشذوذ لا يتعدي عدة دقائق من عمر اللعبة الذي يمتد لاكثر من 20 ساعة لذلك اتمنى ان لا تجعل الامر عائق امامك لتجنب تجربة اللعبة.

اسلوب اللعب هو الاخر تلقى انتقادات وان كانت قليلة ولكن اريد ان اكون صريح معكم فقد استمتعت بمعظم اللعبة ولن اقول كلها من حيث عنصر اسلوب اللعب فنظام القتال رغم وحشيته الشديدة والدموية الواضحة واحيانا الغير مبررة الا انني استمتعت به وربما بعض الاحيان وجدته يشفي الغليل وانا اتحدث هنا عن نظام القتال المباشر وليس عن التجول في عالم اللعبة والذي سأتطرق اليه فيما بعد.

اللعبة قدمت اسلوب مبسط من نظام الار بي جي حيث سيكون لديك عالم شبه مفتوح تضعك اللعبة في قطاعات واسعة يمكنك استكشافها وجمع الادوات والمصادر من خلال البحث في اركانها وفي النهاية سيكون هناك مخرج واحد سينقلك الى القطاع الثاني وهكذا وهذا الامر سيرضي محبي العاب العالم المفتوح وكذلك الالعاب الخطية.

تمتلك الشخصية مهارات يمكن تطويرها من خلال جمع موارد المهارات التي تشبه الكبسولات الطبية بحيث يتم التعامل معها وكأنها عملة لشراء هذه المهارات التي ستصل اليها من خلال الضغط على لوحة اللمس وسيكون هناك مهارات تخص استخدام الاسلحة مثل سرعة التعبئة ودقة التصويب وتصنيع الذخيرة..الخ واخرى تخص القدرات الجسدية للشخصية مثل سرعة التصنيع وتوسيع طاقة التحمل والقدرة على رصد الاعداء في وضع الاستماع.. الخ

بجانب ذلك سيكون هناك امكانية لتطوير الاسلحة التي ستحصل عليها من عالم اللعبة وستعتمد على تطوير هذه الاسلحة من جمع قطع الخردى التي تشبه مسامير الربط وسيكون امامك عدة عناصر لكل سلاح يمكن تطويرها فيه حسب رغبتك.

نظام القتال في اللعبة يعطيك فرصة القتل الصامت من خلال التسلل من خلف الاعداء والامساك بهم وسيكون في هذه اللحظة امامك خيارين اما ان تقضي على الضحية مباشرة او ان تستخدمها كدرع تهدد به الاعداء ولكن سيكون امامك وقت قصير لتنفيذ تهديدك والقضاء عليه والا فسوف ينتهز شعورك بالارهاق وينقلب عليك.

كما اسلفت القتل اليدوي في اللعبة دموي لاقصى الحدود حتى انني شعرت بانه مبالغ فيه الى حد ما خاصة اذا كنت تستخدم سلاح يدوي مثل الفأس او السيف فسوف تنفذ ابشع عملية اعدام خالية من اي رحمة, وربما هذه النقطة تكون موضع انتقاد خاصة في حال كنت تلعب بشخصية ايلي الرقيقة ولكن مع مرور الوقت ستعرف انك تتحكم بوحش كاسر متعطش للدماء لا يرى امامه سوى الانتقام مهما كانت نتائجه.

شيء اخر اريد التحديث عنه وهو الذكاء الصناعي للاعداء وقبل ان ادخل في صلب الموضوع اريد ان اوضح انها ستواجه عدة انواع من الاعداء وهو البشر الذين سصنفون الى قسمين الاول هم WLF وهم فئة من المجتمع ينتمي معظم عناصرها الى الجيش في السابق تمكنوا من الانقلاب على السلطات والاستيلاء على الاسلحة وتنصيب انفسهم بالحق في السيطرة والتحكم في كل شيء في ولاية سياتل والقسم الاخر هم السكارز او السيرافيت وهم مجتمع متدين يرى ان ما حدث للناس والعالم هو بسبب الخطيئة ويجب التخلص منها من اجل التخلص من هذا العقاب ويستخدمون اسلحة يدوية مثل القوس والخناجر ولكن بعضهم يحمل اسلحة نارية متوسطة.

الجهة الاخرى من الاعداء هم المتحولون ومنهم الرنيرز وهم المرحلة الاولى من المتحولين الذي يشبهون الزومبي واكثرهم ضعفا, والكليكرز وهم متحولين يمتلكون القدرة على سماع اضعف الاصوات بينما لا يمكنهم الرؤية لذلك فهم يعتمدون على تتبع الصوت لاصطياد فريستهم, والستوكرز الذين يعدوا المرحلة المتقدمة من الكليكرز حيث يمتلكون ذكاء يمكنهم من خلاله التلاعب مع الضحية والانقضاض عليها من عدة اتجاهات, والشامبلرز ذلك المخلوق الضخم الذي يفرز مواد حارقة وسامة على مجال واسع وعند قتلة ينفجر لينشر مادته السامة الخضراء على مدة بعيد ويستمر تأثيره لبعض الوقت, بجانب اعداء اخرين سأتركك تتعرف عليهم بنفسك ولكن اود ان اشير الى ان اللعبة ستمتع كل من يعشق مواجهة وقتال القادة او Bosses حتى انني تمنيت ان تقتبس سلسلة Resident Evil بعض هذه الافكار الرائعة التي ستجعل اللعبة تتميز بالفعل.

ذكاء الاعداء في اللعبة رائع وربما تكون من افضل الالعاب التي قدمت اعداء يمكنهم التعامل باحترافية مع خصومهم حسب انواعهم وبكل صراحة جميع الاعداء بجميع فئاتهم قدموا ذكاء صناعي رائع مملوء بالتحدي في كل مواجهة معهم.

رسومات اللعبة بلا شك هي الافضل حتى الان على الاجهزة المنزلية منذ ان ظهرت, اللعبة قدمت مستوى رسومات احترافي جدا سيشعرك ان المطور يركز على اقل التفاصيل التي قد لا ينتبه اليها احد او يعطيها اي اهتمام ولكنها تساهم في تكوين الصورة الجمالية الكاملة للعبة.

تصاميم الشخصيات بكل فئاتها وانواعها كان متقن رغم انني لاحظت تكرار في اشكال شخصيات الاعداء بين الحين والاخر ولكن هذا لن يؤثر على التجربة ابدا, اما عالم اللعبة فسوف تشعر فيه بالتنوع بين البيئات وستتمتع وانت تستكشفها حيث ستأخذك اللعبة بين الاحراش الخضراء والى المناطق المهجورة من مدينة سياتل وداخل الابراج المرتفعة او ما تبقى منها وايضا ستتمكن الشخصيات من السباحة تحت الماء والتي ستستخدمها كأستراتيجية جديدة للهروب او مباغتة الاعداء.

نظام الحركة والتفاعل مع البيئات لا غبار عليه فقد تكون اللعبة قد قدمت افضل تجربة تفعالية مع البيئة المحيطة سواء في طريقة التقاط الموارد او سحب ودفع الصناديق او كسر الذجاج الدخول من خلال النوافذ..الخ. ايضا لن انسى نظام الحركة الخاص بالشخصيات مثل تعابير الوجه وطريقة التحرك وتمايل الجسم خلال الجري وتجنب ضربات الاعداء خلال القتال او ما يعرف بـ Dodging حيث ستشعرك اللعبة بالواقعية الى اعلى مستوى بسبب اسلوب الحركة الجديد والمعقد.

الاصوات في اللعبة ايضا ستشاهم في تعميق تجربة اللعب فالاعداء من البشر مثلا سيمتلكون اسمائهم الخاصة وستستمع اليهم وهم يستدعون بعضهم البعض عندما يشعرون بالخطر وستستمع اليهم وهم ينادون باسماء اصدقائهم في حال شعروا بان خطر يتهددهم للتأكد بانه مازال على قيد الحياة, اما اصوات الوحوش والمتحولين فسوف يجعل الرعب يدب في قلبك حينما تستمع اليه من بعد وتدرك انك ستواجه احدهم او مجموعة منهم في وقت قريب.

الموسيقى في اللعبة لا نقاش فيها والجميع يعلم ذلك من اللحظة الاولى التي تم الكشف عن اللعبة فيها, رغم انك ستساهم في بناء بعض المقطوعات ولكن النتيجة ستبهرك في النهاية, ايضا هناك شيء اخر اود تسليط الضوء عليه هو الحوارات بين الشخصيات خلال التنقل واستكشاف عالم اللعبة حيث يتم الافصاح عن الكثير من التفاصيل التي يمكنها ان تساعدك في التعرف على قصص الشخصيات والتعمق في احداث اللعبة بشكل اكبر.

في النهاية اود الاشارة الى ان اللعبة قد تعرضت من قبل المجتمع العربي الى الانتقادات باتهامها بانها تروج للشذوذ وانا لا انكر انه كان هناك مشهد او مشهدين في اللعبة تسلط الضوء بشكل سريع على هذه النقطة ولكن مدتها لا تمتد لاكثر من عدة دقائق في مجملها مقارنة مع عمر اللعبة الذي يمتد لاكثر من 20 ساعة بينما قصة اللعبة لا ترتبط باي صورة من الصور بفكرة الشذوذ وتسير احداثها في اتجاه اخر مختلف جدا اتمنى ان لا يتسبب سوء الفهم هذا والمروج له من قبل البعض الذين لم يجربوا اللعبة حتى في تفويتك تجربة واحدة من افضل العاب الجيل على الاطلاق.

ايضا من بين النقاط التي اود الحديث عنها هي اجبار اللاعب على اتمام مهمات مملة بعض الشيء وتشعرك بانها احداث فرعية جدا كان يمكن تجنبها او اختصاها بمشهد سينمائي قصير ولكن للاسف كنت اجد نفسي مجبر على التجول ومواجهة الكثير من العقبات والاعداء للوصول الى هدف لا تأثير له على القصة وهو حدث جانبي مرتبط بحياة الشخصية ولا يستحق ان اقضي معه عدة ساعات من اجل اتمامه.

في النهاية اود ان ااكد ان لعبة The Last of Us 2 نجحت في تقديم تجربة هي الاولى من نوعها في العاب الفيديو خاصة على مستوى القصة التي ارى ان تقديمها بهذه الطريقة وبهذا المستوى خطوة جريئة ومعقدة تخرجنا من السرد القصصي الكلاسيكي الذي تعودنا عليه في العاب البطولة المطلقة التي نرى فيها بطل اللعبة يتعرض للظلم والاضطهاد وفي النهاية يتمكن من قهر الاعداء ليقف منتصرا, هذا لن تراه في لعبة The Last of Us 2 التي ستتركك تتحدث مع نفسك طوال الوقت حتى بعد ان تنهيها.

الايجابيات

السلبيات