بدأ تطوير العاب الفيديو يتخذ منحى جديد خصوصا مع التطور التكنلوجيا الكبير في مجال صناعة الاجهزة المنزلية و الحاسب الشخصي و كل هذا فتح مجال كبير امام المطورين ليضعوا المزيد من الافكار و التحسينات الى العابهم حتى ان بعض المطورين بدأ يتخذ منحى الواقعية المطلقة في العابهم و محاكات الكثير من الاحداث و السلوكيات التي قد تعطي اللاعبين متعة اكبر و تجربة افضل.
شهدنا الكثير من العاب الجيل الماضي و الجيل الحالي تتطور لتصل الى مستوى يبهر العيون في قوة الرسومات و دقة تصاميم الشخصيات و تفاصيل الوجه و التصرفات و نظام الحركة و هذا يعود فضله الى تطور تقنيات تطوير الالعاب حيث اصبح المطورين يعتمدون على نقل الحركة الحقيقية و ايضا مسح اشكال الاشخاص الحقيقية الى داخل العابهم بما يعرف بتقنية التقاط الحركة Motion Capture و قد راينا العاب مثل GTA5 و Uncharted و The Last of Us كيف جسدت لنا واقعية كبيرة لاداء الشخصيات و حركتها حتى في ادق التفاصيل و النتيجة كانت رائعة جدا.
لكن الى اي مدى ستذهب بنا هذه الواقعية و هل ستكون دائما لصالح جلب المزيد من المتعة الى اللاعبين ام انها ستضعنا امام عنصر جديد من عناصر الملل التي قد تنتج عنها؟
لكل نجيب عن هذا السؤال يجب علينا ان نطرح سؤال اخر و هو موجه لك عزيزي القارئ و هو ما هو الهدف من العاب الفيديو من وجهة نظرك و ما هو سر انجذابك الى عالم العاب الفيديو؟
انا اطلعت على الكثير من الاراء سواء من اللاعبين حولي او من اراء طرحت عبر بعض المنتديات و عبر قنوات اليوتيوب لبعض المنتقدين و النتيجة الموحدة او الاغلبية يجد ان متعة العاب الفيديو تكمن في انها تجعلك تقوم بعمل اشياء غير واقعية لا يمكنك ان تنفذها في عالمك الحقيقي فمثلا العاب اطلاق النار تمكنك من ان تتلقى عدة رصاصات دون ان يقضى عليك بشكل مباشر او تمكنك من ان تطلق النار على اي شيء امامك و تستمتع وانت تقضي على منافسيك او تعطيق قوة خارقة تجعلك تتسلق و تتأرجح في الهواء بخيوط و هكذا..
اذا ما استطيع ان استنتجه من هذا ان العاب الفيديو هي مكان الهروب لاي شخص من الواقع الى الخيال ليعطي لنفسه حرية مطلقة لا يمكن ان يحصل عليها في الواقع و لكن ماذا لو هذه الواقعية لحقت بنا الى هذا المكان الذي نهرب منها اليه, كيف ستكون النتيجة….. الملل؟!
كما اسلفت في بداية المقال هناك الكثير من مطوري العاب الفيديو ذهب الى ابعد الحدود من اجل ان يضع الواقعية في العابهم و بدأنا نرى الافكار الابداعية ربما تنفذ بسبب الانفتاح التكنلوجي المنقطع النظير و بدأ بعض المطورين يلجئون الى اعطاء العاب عنصر الواقعية في بعض الاحيان فمثلا لعبة Battlefield 5 عند تجربتي للبيتا الخاصة بها رغم انني كنت من اكثر عشاق السلسلة خصوصا طور الاونلاين و لكن في هذا الجزء بالتحديد بدات اللعبة تضع بعض عناصر الواقعية فيها مثل عند اصابة الشخص فسوف يسقط على الارض لينتظر من احد افراد فريقة ان ينعشه و يعيدة الى اللعبة من جديد و هذا ما يحدث ليس بالشكل الكامل و لكن نوع ما في الحقيقة و لكن هذا الامر لم يضيف الى المزيد من الملل حيث ستجد نفسك ملقي على الارض لمدة طويلة و انت تنتظر شخص ليقترب منك و يساعدك و غالبا لن تجد بينما انت في داخلك تريد ان تعود و الى اجواء اللعب و تطلق النار هنا و هناك و هذه هي المتعة الحقيقية التي نبحث عنها و ليس ان ننتظر من ينعشنا و يعيدنا الى اللعب.
شيء اخر قد يجعل الواقعية عقبة في طريق البعض و هو الجرافكس و تصاميم عالم اللعبة الذي وصل الى حد كبير رغم اننا لم نصل الى الواقعية المطلق في ذلك و لكن بعض المطورين و ليس جميعهم يضعون الكثير من الجهد و المال في هذا المجال و ينسوا العنصر الاساسي من هذه الالعاب و هو المتعة, فعندما تقضي 5 سنوات في تطوير لعبة معينة معظم هذه السنوات تم قضائها في تطوير تفاصيل قد لا ينتبه لها اللاعب الذي يريد ان ينطلق و يبحث و يستمتع بينما المطور يفكر كيف يجعل اللعبة تقدم تفاصيل واقعية الى ابعد الحدود و في النهاية يضيع الجهد و المال و الوقت في اشياء جانبية بينما تجد العنصر الاساسي و هو اللعب ممل فاللاعب لا يتوقف ليتأمل جمال المناظر الطبيعية في الالعاب و لا يقف ليتأمل دقة تصميم تلك الشخصية التي ينظر الى ظهرها طوال الوقت اثناء اللعب و لا يرى تفاصيلها الا وقت المشاهد السينمائية التي لا يحتاج تجهيزيها الى جهد كبير بالمناسبة و كل ما يبحث عنه هو الاستمتاع.
فعندما يضيع الوقت و الجهد و المال في تصميم هذه العناصر بقصد محاكات الواقعية سيكون الضحية هو اللاعب الذي سينتظر سنوات طويلة من اجل ان يحصل على لعبته التي انتظرها و عندما يحصل عليها سيتوجب عليه تحميل عدد كبير من الجيجا بايت على جهازه و في النهاية لن يحصل الا على 6 ساعات لعب و انتهى كل شيء.
انا هنا في هذا المقال لا اريد ان يبتعد المطور عن محاكات الواقعية ابدا و لكن ما اريده هو ان يجعل هذا العنصر شيء جانبي و ليس اساسي بحيث يحافظ على العنصر الاهم و الذي يبحث عنه اللاعبين و هو المتعة في اللعبة و يمكن ان اوضح لكم مثال قد يراه الكثير بشكل مستمر و هو العاب نينتيندو البسيطة المرسومة بالوان كرتونية و لا يبلغ حجم اللعبة سوى عدة جيجات و في النهاية تجد اللعبة تحصل على لقب لعبة السنة و قد يثير الامر حفيظة الكثير و لكن هذه هي الحقيقة التي يجب ان يعلمها كل مطور, نحن اللاعبين نبحث في النهاية عن الاستمتاع و ليس الواقعية المملة, انتهى..